صوت من الماضي


بسم الله الرحمن الرجيم
                                                            

صوت من الماضي 

                                                          
  رســـــالة من أمـــي الى خـــالتي ( رحمهن الله )

عندما علمت بأن المتصلة هي أختها الوحيدة ، تحدت الامها وأوامر الأطباء ، فقد مُنعت من التحدث عن طريق الهاتف ، فمنذ أكثر من عشرة ايام لم تسمع لها صوتاً ، وبإلحاح  طلبت سماعة الهاتف ، فكان حديثاً مؤثراً ، إنتهى بعاصفة من الدموع ، فمرض الإثنتين ، وبعد المسافة ، وصعوبة السفر ، كان عقبة في طريق اللقاء ، جملة قصيرة قالتها امي بعد الإنتهاء من المكالمة ، اختصرت معاناتها ، وما يجيش في نفسها ، فكانت هذه القصيدة والتي تعبر عن ذلك الموقف  .



اختاه  يانبع  أشـواقي وعشق  دمي
          يا كوكباً في سـماء المجــد من نسبي

اختاه يا نفـــحة  ًمــن طيـب والدتي
         يا من محيــاك يحـكي صــورةً لأبـي

حنانــك الجــم يا أختــــاه  مدرســةً
          لكــــل طالب حــبٍ جـد في الطــلبِ

هـذا فــؤادي علــى كفيــك فاستلمي
            إن شئت سكناه أو فـ لتسكني هدبي

حملــت همــاً ثقيـــلاً لامثيــــــل لـه
          أشـد حـملا من العرنيـــن والخـــلب1

كأنـمــــا  مَثَلـــي والهـــــم احمــــله
           كطــفلة حمـــلوها المـــاء في القرب

بُعــدُ المســافـة ِيـاأختـاه  ارَّقَــــــني
            بينـي وبينـــك اصنـافاً من الحُــجُبِ

لله شكــــواي لا رجـــلي تطاوعــــني 
         على المسـيـر ولم ادنـــــو إلـى إرَبــي

إلـيـك تسبــقني الأنفــــــاسُ لاهثـــةً
           وتشتكي حســرةً مـن سيري َالخــبِبِ

يا أم َّ سالمَ  صــــبراً للــــــبلاءِ  فـــما
           يقـضي الاله بمحض الشر في السببِ

كـم  منحـةٍ فــي ثنايـا  محـــنةٍ برزت
         تسمــو بأصــحابها فــي عـاليَ الرُّتــبِ

كـم فـي البـلاءِ أجـــورا ًلاحــدودَ لــها
          فلتصبري واشكري الرحمن واحتسبي

قضــــى بذلــك امـــــرُ  الله إنَّ لـــــه 
          فيما قضـى الشكـرُ لا الإنكار والرِّيـَب ِ

واللهِ  ماذِكــرُنا  البلـوآءَ مـــن جـَـزع ٍ
         ولـــــم  نُقـــابِلُ امــــــرَ الله ِ بالغــضبِ

فالله ُ يُرسـلُ بعــــــدَ العـســرمـيسرةً
             والعسرُ لن يعـدلَ اليسرين في الغلبِ

كــم  بدعـة ٍعلـقت للناس  في صــفر ٍ
            وفــي ربيـــع ٍوفـي شعــبانَ أورجــبِ

ونحــن نرفــلُ فــي  صـافي عقـيدتنا
       بـهــا نُفـاخرُ بيـــنَ العُجــــــم   ٍوالعـــربِ

اختاه  يُعجبــني  الماضـي بــروعتـه
             كأنـــُّه عَبـــَقَ التـاريـخِ فــي الكـــُتُبِ

إنـي سـأذكـرُ شيــئاً منـــه فاستـمعي
              قــولي علــى شفتي ماجـــاء بالكذبِ

إنــي ذكـــرتُ صِبــانا فــي مَرَابِعـــنا
               كـأنـَّه اليــوم َ لـم يرحــل ولـم يغـبِ

المـــاءُ نحمــــله مـ اللوزتيــن2 علـــى
               اكتافـــــنا ثـم لا نخلـو مــن العـَـتبِ

يُقـــَابل الجـــهدُ منــــا غــالباً بـــاذى
            بالفــــعل أو بلســــانٍ جـــــارحٍ ذَرِبِ

خـــوفاً علــى وقـتنا  من أن نضـيعه   
            بأن نقضــــيه بيــــن اللـهــو واللعــب

نسـوقُ اغنامــنا فــــــجراً لنــــوردها
            مـرعى تلاطــم فيـه النجْمُ  بالسَّـكبِ3

وزادَنـا مـــــن بقايــا الأمـسِ نحملــه
          والنيمُ والذرق4  في الشعرآءِ والقهـبِ5

نُبَشّـــرُ الأرضَ للمحــراثِ فــي زَمــلٍ6
           ونحميَ الطيرَ فـي السدان7 في طربِ

ونحصدُ القمح َفـي سدران8 مـن تـعبٍ
            وآ خـرُ ا للــيل تبـــدأ رحلــةَ الحـطب

وقبـلَ ذلــك تُسْمعـنا الرحــى صخباً
               فـي هدأةِ الليلِ ما احلاهُ من صخَبِ

وحـين  نغــدو الى الــوادي بأغــنيةٍ
              تـذوب اصـواتُنا فـي صـوته ِاللـَّجِبِ

هــذاك  يسقــي وذ ا يحمي  سنابِلـَه 
              وذا يُهــلِلُ بالتوحـيدِ  فـــي رَهــَــبِ

وتلك تحمــل فـي أطراف   حَوْكـَتِها9
           بعضا من الزاد لا يغني من السـَّـــغَبِ

هـذي  تَذودُ  المواشي فـي مَرَاتِعـها
               وذي تشـــدُ حـبالَ الحلـسِ والقتـبِ

نُشـاهِدُ البـعـضَ مشغــولاً بـِرُوبَتــهِ
              والبعـضُ اشغــله التعـريشُ للــعِنَبِ

تلك السوانـي تَجُرُالغَــرْبَ فـي نـغمٍ
             يهيـمُ من صوته مــن كـان ذاصَـبَبِ

حتـى البلابـلُ فــي تغــريدها عِبـــرٌ
           صوتُ البلابلِ عـالاغصانِ كـالخطبِ

تسـبـحُ اللـه مــا حطـــت بأيـْكَـــتِها
              وحلـقت فــي فضآءِ واسعٍ رحــــبِ

إن الزمــانُ الذي ولــــــى لـَيــطرِبُنا
              رُغـْـمَ الذي نالنا مــن شـدة النـصبِ

نذكـره كـي نُسمعَ الأحفــــادَ قِصتنا
               حتى يكـونوا مع الايامِ فــي أُهـُـبِ

ليشكـروا  الله في سـرٍ  وفـي علـن 
             كــي لاتعــودَ لنــا النعمـآءُ با لـتـببِ

وأن يكـونوا كنـبتِ المــآءِ تحــسبه
              رخـواً ولكــنـه فــي شـِــدَةٍ شَصـبِ

امـا  تـرى  قــُوةً فــي نبتـةٍ خرجت
             علـى الغــدير تُسمى نبتــةَ الغَـــرَبِ

مـن جذعها غالب  الأشيـاء نصنعها
             كصحـفة الأكـلِ والمـكيالِ والعــلبِ

والرعـلُ والضمــدُ والمـردادُ10 ننتجها
         والبابُ والزافـرُالمنـقوشِ11 بالعجــبِ

إنــا لننــصــح للأبنـــــآء قاطـــــــبةً
             والنصحُ في عرفنا اغلى من الذهبِ

ليستنيـروا  بنـور اللهِ  فــــي زمـن
               فضآؤه يقــذِفُ الأقــذاءَ كالشهــبِ

غـــزوٌ يزلــزل ُ منـا كـُــــــل َّثابـــتةٍ 
               ونافــثاً سمـه ُفـي حقــلنا الخَصِـبِ

بالمـــــالِ نشـريه كي يغتالَ عفـتنا
              تبــاً لــه قاتــلَ الأخـــــلاقِ والأدبِ

أختاه إن يذكـرَ  الأحـبابُ حاجتََهم
              فحاجتي أن تراكِ العـين ُعــن كثبِ

وأن تكونـي  بدنـيا الصـبر  ممــلكةً
               ليسـت بمحـدودةِ الاجـواءِ والتربِ

واســـال  الله أن  يُلبِسـك مــكرمـةً
               وان يُجـَازيكِ بالخيراتِ في العقـبِ 

     شعر / علي بن سعد ساعد الزهراني 
             السبت 18/5/1426هـ
..............................................................

1/ العرنين : جبل شاهق في دوس بزهران
2/ اللوزتين : بئر في الأطاولة
3/ النجم والسكب : نباتات ترعاها الدواب
4/ النيم والذرق : نباتات جبلية يحبها الرعيان ويبحثون عنها
5/الشعراء والقهب : جبلين يطلان على الاطاولة من الشرق والغرب
6/ زمل : اهازيج يتغنى بها المزارعون
7/ السدان : منطقة زراعية في الاطاولة
8/ سدران : مكان وسط الاطاولة يشبه الساحة الشعبية ، وفيه جرين يحصد فيه القمح
9/ حوكتها : قطعة قماش غالبا تكون بيضاء تستر بعض جسد المرأة
10/ الضمد : قطعة خشبية توضع على رقمة الثور ويربط فيها الحبل الذي يجررالغرب او المحراث ، الرعل : هو الخشبة المعقوفة لجهة البئر ، والمرداد ً : من الادوات المعينه لعملية الحصاد به يرد القش الى وسط الجرين .
11/ الزافر : العمود الذي يحمل خشب السقف .


TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript