الضيقة (مقال يجنح للفكاهة)

الضيقة 
تعريف واشعار وقصص 
مقال يجنح للفكاهة 

موضوع طريف طويل ، اعتبروه مسرحية سهرة في نهاية الاسبوع .  

(الضيقة) هذه الكلمة هي المعنى الشعبي والدارج لكلمة الزعل ، وزعلان يعني ضايق وزعول ضيوق والكلمة مشتقة من الضيق وهو ضد السعة .

يقول الشاعر : 
ياضايق الصدر بالله وسع الخاطر 
دنياك يازين ما تستاهل الضيقة 

وهذا كلام صحيح فالضيقة تجعل من صاحبها مهموم مغموم ، فمتى ما تمكنت من قلبه ضاقت عليه حتى حدقة عينه ، فاصبح يرى ان الدنيا كلها اضيق من سمع الابرة ، ما ادري كيف الابرة تسمع ، يمكن لان خرمها يشبه الاذن ههههههه

ويقول شاعر اخر :
‏الضيقه اللي تمر احيان وتعدي
مرت على البال هالمره ولاعدت
.
ثارت غضب في خفاي وبيحت سدي
نخيتها تبتعد عني ولا ردت

مسكين يتحرى الضيقة ترد عليك ، اصلا الضيقة تدور الضيق والنكد وما تصدق تلقى لها مغزول او مغزولة يسوون من الحبة قبة فتبرك فوق صدورهم .

فالعادة ان الضيقة تمر علينا كلنا ، والعاقل ما تطول معه فسرعان ماتبتعد عنه ، لانه يطفشها بطولة باله وسعة خاطره  ، وكما يقولون يميحها من سعة ، يميحها يعني يكفحها ، هههههه وفسر الماء بعد الجهد بالماء ، يعني يخليها سهالات ، ومع هذي العينه اعلى مافي خيلك يالضيقة اركبيه. 

ومن الطريف اننا نرمز للضيقة بالعنز ولا ادري ايش العلاقة بين الوصف والموصوف ، ولذلك اذا شاهد الناس الانسان الضيوق يقولون فلان معه معزا ، واذا رضي يساله احدهم  : وين العنز ؟  فيرد عليه احدهم : سرحت ترعى ، فيرد اخر ماعليك ترى عنز فلان ماتبتعد ، يعني ضيقته تحبه .

الضيقة يا سادة لا يهمها امرنا فكل ما يهمها ان تضيق علينا الحياة حتى مجرى الدم ما يسلم منها ، ومجرى النفس ، بل حتى مجرى الطعام ،حتى اصبحنا نضيق من بعضنا من باب الترف .

 فلان ما عزمني والله ما اعزمه ، طيب ياخي يمكن عزيمة عائليه ايش دخلك ، يمكن الضيف اشترط انه ما يشوف رقعة وجهك . والا فلان مر من جنبي ولا سلم ، طيب ياخي يمكن ماشافك ، الرجال مشغول يهوجس  وتراه ذيك الساعة ما يشوف الجبال خل عاد يشوفك انت ، وفلان تصدق وما اعطاني ، يقصد صدقة اللحم  ، لانها كانت تعطى للمحتاج وغير المحتاج ، وان كان زمان كل الناس في حاجة ولكن درجات ،

بل ان هناك ضيقات غريبه ، فلا يعرف الطرفان ايهما المخطئ ، ويكابر كل واحد منهم ليثبت انه على الحق ، بينما ديننا يحثنا على سرعة المصالحة  ( لا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام .

يقول الشاعر : 

تجافينا قبل لانعرف المجني من الجاني
ومثّلنا بـ سلوان القلوب الله يسامحنا 
َ
تحديت الوليف بـ قوة الصد وتحداني
نكابر ونتجلّد بـ الصبر والشوق ذابحنا 

ذابحك ياخي تعوذ من ابليس وقل سلام وشف يوم يطيح الحطب ، حلوة يطيح الحطب هذي من فوائد المسلسات ، طاح الحطب قال خويه : طاح ، وتعانقوا ونسيوا الضيقة  .

ولذلك كانوا زمان لايبالون بالشخص الضيوق ، وكثيرا ما نسمع من ابائنا قولهم : ياورعان ، اظنها معروفه كلمة ورعان هههه شرهة اشرحها ، اذا شرحتها اكون كجالب التمر الى هجر  ، يعني مجنون اللي يروح يبيع التمر في ديرة التمر ، عموما يقولون: اللي يضيق بنقطع من براطمه ربع اقه ههههه اشرح البراطم والا بلاش ، اللي مايعرف ينشد اللي جنبه .

والأقة هي الاوقية ، وتستخدم لقياس الاوزان ، وذلك لتحذير الابناء من الضيقة المسببة للقطيعة . بس لحظة بالله ، ما تلاحظون ان فيه سر لاختيار البراطم بالذات ، انا تراني عرفت السر وابغي جائزة ، يقولون للضايق  : فلان مبرطم والضايق تشعر فعلا ان براطمه كبرت وانتفخت وحينها لازم نخفف منها ، هكذا كانوا يخوفون ورعانهم من شر الضيقات . 

 ومن عجائب الاباء والاجداد ايضا في هذا الباب انهم لا يجاملون حتى اولادهم ، فهذا رجل يعرف ان ولده يضيق من اي شي ولا يقبل الصلح ، فحين قرب اجله استدعى ولده وقال له  : ياولدي اوصيك بالثانية ، طبعا مايقصد الزوجة الثانيه ههههه يقصد الدرجة الثانية في الفضل بين الناس ، فقال ولده : والاوله يابوي ، قال ابوه :الاوله مانت من اهلها وانا بوك، ههههه في الجبهه 

ويذكر ان واحد ضاق على ربعة في العزبة وحنس وهو جايع ، ويوم جهز الاكل دعوه ياكل معهم وقال : ماابغيه واكثر من مره يدعونه حتى وهم ياكلون وهو مصمم ما يواردهم ، يواردهم يعني يواكلهم ، يعني ياكل معهم ، وكان من ظمنهم ابن عمه وجالس جنبه ويوم شاف ان الاكل بيخلص ، دقه في جنبه وقال : تكفى وانا ابن عمك جمّل علي تكفى ، يعني احلف عليه قبل ما يخلص الاكل ،

لمح فيه خويه لمحة ما هي حلاه وقال : ما انت من اهل الجميلة خلك في هكبتك ، دعوك الرجاجيل ماقمت وذلحين تبغيني ادعيك ، والله شرهه علي وعليك لكن خلك في حدتك زي ما انت .

وهذا حاله يسبه حال  اللي ضاق على اهل السوق ، هو يحب يهبط يتسيوق ، يهبط تراها فصيحة يقول تعالى : اهبطوا مصر ، وعندنا في القرية غار يعني صخرة كبيرة يجلسون فيها الناس واسمها (غار الهباط) اي مستراح القادمين الى السوق والخارجين منه 

نرجع لخوينا اللي ضاق على اهل السوق ،، فيجي من قريته البعيدة ويجلس من الصباح الى الظهر مقابل السوق وما يدخل يتسيوق مع الناس ، طيب اقعد في بيتكم ، ليش تتعب نفسك ، مشوار وجوع وعطش ، وبعدين ما حد درى عنك ، لكن السوق عند بعض الناس ما يقاوم ، حتى ولو ما يشتري له بريال هبط ، المهم انه يتخبط في السوق لين تتلوى كراعينه ، ويرجع البيت دايخ هلكان .

الضيقة من عمل الشيطان والدليل انه يتخلى عن صاحبها بمجرد ان يورطه ، ويبقى يوسوس له كلما اراد ان يتقدم ليزيد الهوة ، ففي قرارة نفس الضايق انه مخطئ على الاقل في طول المدة ، ولكن الكبر الذي نفخه الشيطان فيه يجعل الامر صعبا كصعود الجبال وخرط القتاد .

ومن طرائف الضيقات بين الازواج ، ان زوجة ضاقت على زوجها وشردت عند اهلها ، وما دروا الا وهو وراها يهقش هههه يهقش يعني يمشي وينقز يعني يقفز ، ايش جابك يا الاخ  ، ما الادمية طفشت منك ، باقي تلحقها في بيت اهلها ، قال حتى انا شردت عند ارحامي مو عند ناس غرب  ، من يسوي لي اكل ومن يهتم بي الا بنتهم ، رجلي على رجلها ، هههههه شكلها مؤمرة بينه وبين زوجته ينتسمون من المصاريف والتعب كم يوم .

ومرة واحد راح يحاول يرجع زوجته الضايقة ، وقال له ابوها : البنت ما هي راضيه ترجع لك ، لكن تعش معنا ومن حزه لحزه فرج ، جابوا  العشاء عصيدة وعليها سمن ، ولكن شافت السمن بعيد عن زوجها وما ناسبها الوضع ، فقال ابوها يابنتي هذا زوجك يبغيك ترجعين معه ، قالت لابوها وهي تحط اصابعها في العصيدة زي الحراثه بدت بها من قدام زوجها :  والله لو تخيطون لحمي بلحمه زي كذا ما ارحع له ، ويوم شاف ابوها حركتها وانها وصلت السمن قدام زوجها قال : والله ياراعية ذي السواة ماتبات الا في بيتها ، بس تعشي وانا ابوك واسري الله يوفقك .

ووحدة قالت لزوجها طلقني والله ما اجلس معك ، يابنت الحلال ، يهديك يرضيك ، واصرت على رايها ، واخيرا قال : خلاص ابشري ، مالك الا رضاك  خذت اغراضها بنت الحبيبين وخرجت تنتظر زوجها يوصلها ، ويوم وصلت بيت اهلها اعطاها ظرف ، وقال : هذي ورقتك وسلمي لي على اهلك والنسوان ما قلينه ، وربي يرزقني بواحدة احسن منك وانتي ربي يرزقك بواحد احسن مني. 

طبعا ماتوقعت السرعة هذي  شكلها بغتها مزحة وجت رزحة ، ودها تقيس قدرها وورطت ، دخلت البيت وراحت احدى الغرف تبكي وقفلت الباب واهلها عند الباب يحاولون تفتح  ، هي فتحت الظرف وجدت فيه ثلاثة الاف ريال ورسالة من زوجها يقول لها : اعتبري انك في اجازة روحي السوق مع اهلك وغيري جو ومتى ما ارتحتي وقررتي ترجعين علميني ، وان اصريتي على رايك فمالك الا رضاك ، ولكل حادث حديث ، اتصلت فيه وقالت ارجع الان والله ما افارقك ، قال طيب اطلعي و تراني عند الباب مارحت عارف طيبة قلبك وانك ما تصخني يعني ما تكرهيني .

فتحت الباب وهي تضحك ، سبحان مغير الاحوال  ، دخلت وهي تبكي وطلعت وهي تضحك  ، خرجت فورا ومن شوقها لزوجها ما سلمت على اهلها هههههه يحق لها تنسى العالم كله مع هذا الرجل .

 وعلى راي الشاعر  

انا الحبيب المطاوع 
ماني مخبي عليك
اشتاق لك وانتا بجنبي 
وان غبت اسال عليك 

الضيقة ياسادة تجلب الهم والمرض والالم النفسي ، بعكس التسامح والعفو  ، ولعل اقوى سبب يجعلنا نعفو ونصفح عن من اذانا هو وعد الله لمن عفى وتنازل عن حقه . 
يقول تعالى : وليعفوا وليصفحوا  الا تحبون ان يغفر الله لكم . فالمغفرة مقابل العفو والله انها التجارة الباردة الرابحة . 

غفر الله لنا ولكل من يقرأ هذا ، وغفر لابائنا وامهاتنا واحبابنا وجميع المسلمين 

ارجو ان يكون هذا الموضوع خفيفا طريفا مناسبا ،  قد ادخلنا به السرور والبسمة على من يقرأه ، 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة 
كتب في الاطاولة
 مساء الخميس ليلة الجمعة 1441/2/4
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript