حوار مع كورونا



حوار مع كرونا 

حوار مع الضيف الذي اقفلنا امامه ابوابنا  لنؤجر على عدم استقباله ، ضيف جاء ليعيد ترتيب اهتمامتنا ، ضيف ارسله الله داءً ودواء ، ضيف جاء ليقلب الموازين ويكشف المستور ، فكم من دول كانت ملء السمع والبصر فأعجزها واظهر ضعفها ، وكم من اناس ظنوا الحياة لعبا ولهوا فاخنست اصواتها وذهبت جفاء ولم يبق الا ما ينفع الناس ، اما داعية يربط الاحداث بأقدار الله واما طبيب ومعاونيه ينتشلون الناس من الخطر او رجل امن يحافظ على بلده من عبث العابثين . 

بسم الله الرحمن الرحيم

حوار مع كرونا

عندما نؤجر على القطيعة بعد ان كنا نأثم عليها فاعلم اننا امام بلاء وابتلاء


التقيته بعد ليلة كاملة من حظر التجول ، كان جالسا على قارعة الطريق ، اقتربت منه ، سمعته يئن ، اقتربت منه اكثر ، لم افهم انينه ولكن علمت يقينا بانه تسبيح ، فقد كان يسبح الله ويذكره .

 سلمت عليه ، انحنيت تجاهه ، فانزوا عني بعيدا ، ابتسمت وقلت له امرك عجيب ، فنحن من يخاف تاثيرك باذن الله وليس انت ، ثم قلت له :ايعقل ان تكون المعقمات والمطهرات تعمل فيك كل هذا الخوف ؟

قال : بل هناك ماهو اقوى واكثر منعة منها يجعلني لا اقترب من بعض البشر ، بل لا افكر في الاقتراب اصلا ، اما المعقمات فقد تمنعني عند التصاقي ببشرة البشر فقط .

 قلت له متلهفا : اذا ما الذي يمنعني وغيري منك ؟ فقال : يمنعكم من ارسلني اليكم ، فلا طريق لنا على من صلى الفجر ، فمن صلاها فهو في ذمة الله ، والله لن يخفر ذمته وحاشاه من ذلك .

ولعل هناك من قال قبل خروجه من بيته : بسم الله توكلت على الله لاحول ولا قوة الا بالله ، فاذا كان الشيطان يتنحى عنه ويقول : كيف لنا بمن هدي وكفي ووقي ، فاذا عصم من الشيطان ووعد بالوقاية فكيف لي ان استطيع اذيته وانا ذلك المخلوق المتناهي في الصغر .

وكاني به وقد قال : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي في الارض ولا في السماء وهو السميع العليم ، فمن ذا الذي يتجرأ من مخلوقات الله كبيرا كان ام صغيرا على ايذاء من تحصن باسم ربه ؟!

ابتسمت فرحا وكأني لاول مرة اسمع هذه التحصينات واعرف مدى تأثيرها ثم قلت له مجددا : اذا ساحافظ على هذه الامور واخرج للناس ، وازور وازار ، واصل رحمي ويصلني اقاربي ، واخرج متكلا على الله .

اضطرب وقال ضاحكا : انت بهذا ناقص التوكل ، وستكون عرضة لاصابتك فدين الله لا يتجزأ ، فطاعة الله واجبة ، ولكن الله اشترط مع طاعته طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وطاعة ولي الامر سواء كان حاكما او اما او ابا او من وكله الله امرك فقد قال الله تعالى : يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم .

قلت له : لم افهم ما قصدته ،
قال : من طاعة ولي الامر الاخذ باسباب الوقاية واهمها الحجر المنزلي فقد تكون انت ناقلا للعدوى دون ان تصيبك ، حيث تحمل الفايرس ولديك حماية منه باذن الله ، ولكن بمجرد اختلاطك بالناس ينتقل منهم واليهم بواسطتك وانت سليم معافى ، فيجب عليك طاعة ولي الامر في هذا حتى لا تتسع رقعة الاصابات

قلت : اما تظن انك اتيت الينا لتقطع اواصر القرابة والنسب ، فقد انزوى كل اناس داخل بيوتهم وامتنعوا عن التواصل البدني

قال وهو يبتسم : رب ضارة نافعة وكما قال الشاعر :
ومن السموم الناقعات دواء ،
فلا احد يحتمل بعد قريبه وحبيبه او ان يمنعه او يمتنع عن لقائه ، ولكن للمصلحة العامة قبل الخاصة وجب قبول ذلك فما كان بالامس اثما مغلظا اصبح الان عملا واجبا واجرا عظيما .

قلت له : هب اننا لزمنا بيوتنا فما الذي يضمن لنا عدم دخولك باي وسيلة كانت ،

هناحاول ان يقترب مني ويهمس في اذني فمنعته ، فابتعد وقال بصوت واضح : اطمئن وطمئن من خلفك فانا عزيز نفس لا ادخل بيوتكم الا بدعوة ، ودعوتكم لي بخروجكم فقط ، فمن خلالكم ادخل لاسركم وانعم بالعيش فيكم ، فمن خرج من بيته والتقيته في ظروف مناسبة لي فساتشبث به ، اما من احتاط بتوفيق الله فانه لا طريق اليه او الى بيته ابدا ، ومن ثم لا طريق لي للمجتمع كله .

علي بن سعد الزهراني
مكة المكرمة 1441/8/1هـ


TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript