عودة سالم


بسم الله الرحمن الرحيم 

                            عودة سالم 
في غرة محرم من العام 1445 من الهجرة عاد الينا حبيبنا سالم ولكن بطريقة مختلفة 

اعتدنا في الاطاولة كل صيف على لقاء جماعي بهيج ، يلتقي فيه اكبر عدد من ابناء الاطاولة ، يجمعهم بفرح ومحبة وكرم اخونا وحبيبنا سالم شهوان رحمه الله .

بالامس عرفت بأن ابا أحمد لم يمت ، بل عاد الينا بعادته السنوية ، عاد ليتحفنا بكرمه ومحبته لنا ، عاد ليرينا من نفسه كم هو رجل عظيم اذ خلف لنا خير خلف لخير سلف .

نعم عاد الينا سالم ولكن في شخوص ابنائه البررة ، فما أجمل ان يسير الأبناء على خطى الاباء المباركة .

أحمد بن سالم وما ادراكم ما احمد ، احمد بالامس اعاد الينا اباه ، أعاده مكللا بالدعوات والامنيات بان يجعل الله مرقده روضة من رياض الجنة ، فكم اسعدنا باعادة اباه لميدانه المحبب اليه ، أعاده لميدان البر والصله ، ميدان الكرم والعطاء والسخاء .

ابني احمد ، ولا انس اخوتك ووالدتك وكافة اسرتك 

دعني ايها الحبيب قليلا مع ابيك ، فقد اشتقت اليه كثيرا ، فلعلي استانس بالحديث معه ، فللحديث معه شجون . 

حبيبي سالم ، هاقد عدت الينا فما اجمل العودة ، وما ابهى الاطلالة ، اتدري يا أبا أحمد انه برغم كثرة الحضور لم ار خلال وقت حضوري الا انت ، اتدري يا أخي انني كنت أتصفح سيرتك في وجوه ابنائك ، فكلما اقبل أحدهم او أدبر تذكرت اقبالك وبشاشتك وفرحتك بزوارك وضيوفك ، لم تكن غائبا عن المشهد ابدأ .

 لم نكن لوحدنا من اسعدته عودتك اليوم ، بل هناك غيرنا من افصح عن شعوره وفرحته ، حتى وان لم ينبس ببنت شفه .

لقد رايت الاشجار من حولنا وهي ترسل اغصانها على رؤوسنا وكانها تهمس لنا نشوانة فرحانه ، اصغينا اسماعنا للهفة اشواقها اليك ، ولو انها تستطيع البوح جهرا لقالت لنا كلاما نعجز عن مجاراته ، لقد سمعت احداها وهي تتحدث لجارتها ، وقد علت اوراقها نضارة وجمالا ، وكانهما تشيران الى جمع الحضور وتذكر اسماءهم وتفرح بوجودهم ، ولكنها لا تلبث ان تحزن وتذرف الدموع ، فهناك من لم تره في مكانه فقد رحل مع حبيبهن . 

سمعت حفيف اوراق الاشجار وكانه قادم من الماضي ليحيي الحضور ويهنيهم بعودة منتداهم السنوي ، الذي طالما ازهر واينع بهم ، بدعوة من ابي احمد رحمه الله .

التفت الي سالم وقال : اتدري ما الذي اسعدني من هذا الاجتماع ؟ 

قلت : نعم .. فاجتماع الاحبة مدعاة سرورك 

قال : لا .. ان سعادتي حين ادخلتم السرور على بيتي وبستاني قبل اسرتي ، بل اني ارى المكان الذي تجلسون فيه الان كالعادة يكاد ان يحلق بكم في الفضاء فرحة وسعادة وسرورا ، فكم من صامت عاشق محب ، لو اذن له في التعبير عن مشاعرة ببنات لسان ، لسالت اودية وذابت جبال .


فوالله اني لارى السعادة الان تكاد ان تتفجر من كل مكان هنا من الاشجار و الازهار وحتى من اعماق ثرى الارض .

قلت له : اعلم هذا تماما فقد اتيت مزرعتك ذات يوم بعد دفنك بساعات فوجدت الحزن قد خيم عليها فاقتربت منها مواسيا معزيا  ، ثم تحدثت الي حديث الام الثكلى والابنة المجوعة والأخت المكلومة اللاتي احسسن بفقد السند ، فشكون الي حال الوجع والالم الذي يعتصر الفؤاد .


هنا قال لي أخي سالم : ابلغ عني السلام وكل الحب لكل من مر من هنا ، حتى الهواء العابر و النسيم السائر .

ثم ابلغ اسرتي شكري وامتناني على لفتتهم الكريمة اذ اعادوا لي الحياة بدعوة هذه الوجوه النيرة .

ثم ابلغ احمد بان كمية الاجر التي وصلتني من هذا الفعل المتخم بالبر والمطر بالكرم والسخاء لا اكاد احصيها او اصفها ، ولولا ان الاموات لا يعودون اجسادا لعدت اليكم وعانقتكم شكرا وامتنانا ، ولكنها افعال الابناء الصالحة التي تعيد الاباء الى الحياة من جديد رغم رحيلهم ، فشكرا احمد وشكرا اخوته واخواته وشكرا ام احمد وشكرا ام سالم وشكرا لكل من حضر .

هنا انتهى الحوار وعدت محملا بمزيج من الحزن والفرح ، وبكثير من الدعوات الصادقات ان يرحم الله سالما واموات المسلمين وان يحفظ كل من سار على خطى ابيه الصالحة .

علي بن سعد الزهراني

الاطاولة 2 / 1 / 1445

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript