قصة حب



قصة حب
                                                                           
 لا تراه الا صامتا منزويا بجوار منزله ، لايكاد يغيب عن ذاك المكان سوى لحظات ، أو في أوقات لا تتجاوزالساعات ، يغيب احيانا ولا يعلم أحد عن غيابه ، ويحضر ولا يكاد يسأله أحد عن سر شروده ، فمن الناس من يشرق بفكره ومنهم من يغرب ، ومنهم من لا تتجاوز نظرته وافكاره حدود المكان .. لم يكن أحد ليعلم أن في ذلك الجسد النحيل ..قلبا قل أن يحمله شاب مثله .


شاب  يحمل بين جنبيه حبا عميقا لاحدود له ..حبا أسهره وأرقه ، فجعل منه جسدا مرهقا وقلبا متعبا .. فمحبوبته تعيش بعيدا عنه ..في الوقت الذي لا طاقة له فيه على بعدها .. والعقبات امامة تتبارى في قتل الاحلام والامال ..فالطريق الى بغيته صعب المنال .. ووسيلة الانتقال لاتتوفر له على كل حال .


كان يأخذ من الزمن بضع ساعات .. لينطلق اليها  في مكان اقامتها في قرية بعيدة .. ليقضي معها بعض الوقت ليأنس بها وتأنس به ، وليتلذذ كل منهما بقربه من الاخر  .

كان يحضر لها في كل زيارة ما يعتقد بأنه سيسرها ويسعدها ..حتى اصبحت تنتظر زيارته  في كل يوم ..لم يثنه عنها بعد المسافة ولا قلة ذات يده .. ولم تطمع هي منه بأكثر من أن تراه بأم عينيها .. وهو يسير صحيحا معافا ، وتجلس معه للحظات  لتعرف منه ماتريد .

انتظرته ذات يوم كعادتها ..ولكنه لم يأت ..فزاد قلقها وبدأت مخاوفها تتزايد كلما مرت الساعات .. فهاهي تترقب بحذر وخوف .. لم تبعد نظرها عن الطريق الا لضرورة  .. فكلما ابتعدت عن باب منزلها او نافذته ..عادت مسرعة ..فلعلها ترى سيارة قادمة .. لم يعد قلبها في حال الهدوء والاستقرار.. فقد بدأ الخوف يغزو مشاعرها و يسدد الطعنات الى فؤادها.

أقبل اليها أحد أقاربها ..ممن يعرف تماما مدى تعلقها بذلك الشاب ..فما أن رأته حتى شكت اليه حالها وخوفها من المجهول ..وأن يكون قد حدث مالم يكن في الحسبان ..وبعد أن رأى حالها وقلقها الذي يكاد أن يقتلها ، اقترح عليها اقتراحا قبلته على مضض ، فقد وصل بها الحال الى أن تعمل أي شيء مهما يكن ، كل ذلك من أجل أن تطمئن عليه ..فقد عرض عليها أن تقوم هي بالزيارة هذه المرة .. لتطمئن عليه عن قرب

نزلت تلك الكلمات عليها كالصاعقة .. فهي تعلم ان ذلك امرا مستحيلا ..معتقدة بأنه لم يعرض عليها ذلك العرض الا لان هناك مكروها قد حصل .. فلم تمانع من الذهاب معه مهما كلفها الامر ، حتى وان ضربت بكلام الناس عرض الحائط .

ركبت متجهة الى منزله .. وبرغم سرعة السيارة المتزايدة الا انها لاتراها تسير ابدا .. وما أن دخلت الى بيته حتى رأت أهله وأقاربه كلهم يبكون .. فعرفت أن حبيبها قد أصابه مكروه .. فصرخت بأعلى صوتها .. هل مات ؟ ! أرجوكم اخبروني هل مات حبيبي ؟  عم الوجوم المكان ،فأجيبت بعد وجوم وسكون .

شخصت الانظار اليها ، فقد صدم الجميع برؤيتها في المكان ، ففي عرف القرية والمجتمع كله ان لا تأتي مثلها لمثل هذا البيت ، ولكن الموقف اكبر من عتاب او من حلال او عيب أو حرام ، قامت اليها إحداهن لتخبرها الخبر ، نعم مات حبيبك فاحتسبيه عند ربك .

لم تحتمل الامر فسقطت مغشيا عليها .. نقلت الى المستشفى ، وكلما فاقت عادت لغيبوبتها  ، لم يكن في البيت كله أحد هو أكثر حزنا منها على ذلك الشاب ..فقد كادت أن تلحق به حزنا وكمدا ، فقد أحبته حبا شديدا ..ملك عليها كل جوارحها ، وملاء عليها حياتها ..ليس لانه شاب يختلف عن بقية الشباب ، وليس لتلعلقه الشديد بها ، او لصغر سنه ، فهو لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره ، ولكن لانه ابنها البار الذي لم يقطع الصلة بها ولم يأنف من خدمتها وتفقد رغباتها ومؤانستها منذ انفصالها عن والده  قبل سنوات .

علي بن سعد الزهراني

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript