عدناوالعود(يحمد)


بسم الله الرحمن الرحيم 
عاد عيدنا فعدنا له 
 بعد اربعين عاما .. عدنا والعود يحمد




عدنا والعود يحمد
يقول خداش بن حابس التميمي في المثل المشهور : عدنا والعود أحمد ، وهنا اقتضت الحاجة لتعديله دون الاخلال بمعناه ولا بمبناه لمناسبته للموضوع فأحمد ويحمد تأتيان بنفس المعنى .

اليحمد يعلنونها صريحة 

عاد عيدنا وعدنا له

كرونا مت بغيظك ، نعم مت بغيظك ، مت مقهورا ، مت بحسرتك وندامتك ، فما اقفل الله علينا  بابا الا وفتح لنا برحمته الف باب ، لا تحسب انك انتصرت علينا ، وانك قد وصلت معنا لقمة اهدافك حين تباعدنا وانعزلنا ووسع كل منا بيته .

 قد تكون وهمت باننا ان تباعدت اجسادنا تباعدت ارواحنا ، وان تباعدت ظروفنا تباعد تواصلنا ، ولكن لعلك لا تعلم بان هناك ما هو اهم من الاجساد ، فالاجساد ارضية الاحتواء بينما الارواح علوية الانتماء ، فمشاعر القلوب وتواصل الارواح وان ارمت الاجساد وبليت لم ولن تنقطع مادامت الارض والسماء فديننا دين قلوب وارواح .

اتى كرونا الينا وفي اجندته الاضرار بنا والنيل منا ، فقابلناه بالايمان بالقدر وبالصبر ، وقبل ذلك وبعده بعون الله لنا ، ثم اخذنا بالاسباب ومنها التباعد الجسدي ، بل قابلناه بما لم يخطر له على بال ،  وبذلك سيرحل وهو يجر اذيال خيبته ، سيرحل وهو يعض اصابع الندم ، فقد خسر من حيث اراد الكسب ، وهزم حيث توقع النصر ، فعاد الناس اكثر الفة وتقارب رغم تباعدهم .

اليحمد لحمة كغيرها من لحام الاطاولة ، ولكنها ابتعدت عن عادة المعايدة المباشرة صباح العيد منذ زمن طويل ، وما ذلك الا لكثرة أسرها نسال الله ان يبارك فيهم جميعا ، فقد كان يستمر التنقل بين البيوت الى الظهر تقريبا ، فانقسمت لذلك السبب الى قسمين ثم لثلاثة اقسام ، مع بقاء الالتزام بواجب اللحمة الاساسية اسما ورسما في المناسبات والواجبات والمحبة والانتماء الاسري .

وها نحن بعد اربعين عاما نعود من جديد وبثوب قشيب وباسلوب حديث ، عدنا للتواصل بشكل اقوى واكثر واعمق ، انه تواصل افتراضي املته الظروف ، فهو ان كان لقاء افتراضيا عبر التقنيات الحديثة الا انه لقاء تواصل تام متكامل ، سنشاهد فيه بعضنا وقد لا نعرف الكثير منا ، فتباعد الاماكن وقلة وندرة المشاهدة وكثرة الافراد قد حالت بيننا لفترة من الزمن ليست بقليلة ، فبعد ان كان اجدادنا لا يتجاوزون 6 رجال ، هانحن وقد اصبح عددنا اليوم بفضل الله ومنته يتجاوز المئتي رجل فبارك الله في هذا الجمع وامدهم بتوفيقه .

هنا اقف لاقول لكرونا : اخبرني عن حالك ، هل سررت ان اعدت اعيادا توقفت منذ عشرات السنين ؟ وهل ارتاحت نفسك وانت تشاهد السرور في وجوه ابناء العمومة وهم ينظرون لبعضهم ويستمعون لكلام بعضهم ، هل تهلل وجهك بشرا وانت ترى بعضهم يتعارفون لاول مرة ، لا اظن ذلك حصل لك .

 وهل احزنك ان من ابتعد لظروف الحياة قد عاد هو واولاده ليراهم بنو عمومتهم الذين لو التقوا في الطريق لما تعارفوا رغم اكتساء وجوههم ورؤسهم بالبياض ؟ .

كرونا .. قل ماتريد ، وقرر ماتحب ، فحق لك ان تضيف لقائمة اعداء اهدافك اناس يقال لهم اليحمد .

اما انا فأقول لليحمد : شكرا لكم على هذه البادرة الحسنة وهذا السبق الفريد ، شكرا لصاحب الفكرة المهندس علي بن جعدان اذ ابتكر وعرض وجمع ونفذ .

قد تكثر المعايدات الافتراضية في زمن كرونا ولكن تبقى معايدة اليحمد الافتراضية مختلفة جدا ، فاعياد الجماعة في كل المدن انما هي عامة لكل من سكن المدينة نفسها دون النظر الى الاسرة او اللحمة ، بينما كان اصل المعايدة هو ماكان قائما بين اللحام .

فبعد ان كانت ظروف الناس تحكم اوضاعهم بحسب اقامتهم اجتمعوا مكانيا تحت ايقونة اشمل وهي الاطاولة ، الا ان فكرة التواصل الافتراضي فتحت المجال ووسعت المدارك واخرجت الابداع .

فعندما كان اللقاء والتواصل شاملا لكافة المناطق ولا يوجد ضرورة لحصر الفكرة في مكان واحد جآت فكرة معايدة اليحمد الافتراضية ، فاعادت الجميع للاصل بمميزات جديدة فجمعت شتات الاسرة او اللحمة سواء في مناطق داخل المملكة او خارجها في برنامج واحد دون المساس بحق المعايدة العامة لكل مدينه ، وقد يكون هناك في المستقبل معايدة افتراضية عامة لكافة ابناء الاطاولة في كل المناطق .

ان هذه الفكرة تستوجب الاستمرار حتى بعد انقشاع هذه الغمة ان شاء الله ولكن بتنظيم اكثر فاعلية ، وذلك بان تكون المعايدة الافتراضية مستقبلا لكل لحمة على حدة وان يعمل جدولا لموعد بث معايدة كل لحمة ليتاح للجميع مشاهدة الجميع .

أخيرا رايت كرونا ولم الحظ عليه حزنا ولم ار منه غضبا ولم اسمع منه عتبا ، بل رأيت ابتسامة رضى واسارير فرح ، قال لي وهو يلملم اشياءه ليرحل ، لا تحسب اني اتيت لقهركم او الانتقام منكم كما تزعمون ، انما اتيت بقدر الله ، اتيت لتاخذوا الدروس والعبر ، اتيت لتعيدوا ترتيب اوراقكم ، ولتعيدوا النظر في اهتماماتكم .

ثم التفت الي وقال : هنيئا لكم فقد نجحتم في الامتحان ، ولو لم تخرجوا من هذه الازمة الا بهذا العيد الافتراضي لكفاكم به خيرا واجرا .

فصلة الرحم والعودة لنبع الاسرة الصافي وتفقد احوال البعض والتعرف على من امضى سنوات عمره بعيدا عن ابناء عمومته اضطرارا لا خيارا ، لهو كسب قل ان يضاهيه مكسب.

 فالتباعد الضروري يوجب التقارب الافتراضي .

علي بن سعد
مكة المكرمة 1441/9/29

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript