هل سيعود ؟



            هل سيعود ؟

هل سيعود بسبب كرونا ام بسبب وعينا ؟

مقدمة

كان حاضرا وبقوة ، ولكنه غادرنا منذ زمن بعيد ، سافر ولم نشتاق له وغبنا ولم يحن لنا ، ذهب عنا ومعه اسبابه ، وابتعدنا عنه ولنا اسبابنا ، فلا نحن تحسرنا لبعده ولا هو حزن لفراقنا.
كان صديقا قاسيا وصاحبا جاحدا ، وضيفا ثقيلا ،  وقريبا بعيدا ، لم نكن نحبه رغم حاجة بعضنا له ، ففطرتنا السليمة تاباه ، ونفوسنا الابية تخشاه ، فذهب غير مأسوف عليه ، فلا رغبة منا اليه ، ولاحاجة لنا فيه .

ولكنه اليوم عاد ، عاد بثوب جديد قشيب  واناقة ملفته وكلام غريب وتباشير تكاد ان تقفز من محياه ، تبشر الناس لمستقبل هو لهم حياة  .

عاد ليخطب ودنا ، ويقسم بالله غير حانث بان عودته مختلفة ، وان الياته مربحة وانه عاد ليصلح ما افسده ، لقد فقه الناس امره وعرفوا ان ارضه قفرة  ، ولا خير فيه بالمرة فلم عاد ؟ .

قبل ان تقرأ المقال 
هذا رأي شخصي لا احل فيه حراما ولا احرم فيه حلالا ، وانما هي فكرة ولدت فان وافقت شرعا والا وئدت .

بسم الله الرحمن الرحيم

من المواقف العالقة بذاكرتي منذ الطفولة مشهد غريب عشته ولم افهمه الا بعد حين . المكان فوق القريع ، هكذا كنا نسمي السوق وخاصة في غير يوم الاربعاء .

جمع غفير من الجماعة ، كانوا  يفتلون الشور  كما يقال ، كنت اعرف انهم مجتمعون للذهاب لحفل زفاف احدى بنات القرية لقبيلة او لقرية بعيدة ، ولكن الجدال يدور حول كلمة غريبة  ، كلمة لم اعرف معناها ولم اسال عنها ، رغم اني كنت ازعج والدي رحمه الله بكثرة الاسئلة عن كل مالم افهمه .

انها كلمة المَكْسَر ، وعرفت لاحقا بانها تعني ان يقدم والد العروس ان كانت ستتزوج خارج القرية او القبيلة مالا  لاجل ان يحضر الجماعة معه لدى ارحامه ، وهذه العادة تسمى المكسر وهو خاص فقط لمن يزوج ابنته خارج اطار القرية وكانهم يقولون لبعضهم زوج ابنتك لاحد شباب القرية والا فان عليك تحمل التبعات .

كان المبلغ المستحصل من ابي العروس يذهب لعريفة القرية او لمن يؤتمن من الجماعة ليصرف منه في مصارف اجتماعية معروفة ومهمة ، فيعطى منها المترفد والمعوز وصاحب الحاجة ويساهم منها ايضا في الديات والحوادث والمعونة في الزواج .

اهداف راقية وممتازة ولكن يوخذ عليها اصل المال اذ جمع بطريقة لا اظنها والله اعلم الا من المكوس المنهي عنها شرعا ، 

ولان كلمة المكسر تاتي بمعنى الكسر اي كسر الشيء ومنع تنفيذه ، فان هناك  معنى اخر مختلف هو في نظري الاصح لمطابقته مدلول الكلمة والله اعلم ، ثم من عاصر وعايش هذه العادة وهو ان المقصود صاحب الزواج ان كان من قرية اخرى فيدفع المكسر  بواسطة ابي البنت لجماعته وذلك لكسر رغبتهم عن الحضور لان في حضورهم زيادة تكاليف في حفل الزواج والناس حينها غالبا لا يحتملون ذلك ، وفي الحالين قد يكون عملا غير شرعي واجتهاد من ضمن اعراف القبيلة التي لا تستند لمسوغ شرعي معتبر والله اعلم .

واليوم ، هل يعيد التاريخ نفسه ، فمع كرونا راينا اقتصار حفل الزواج على اسرتي العروسين فقط ، وقد يتوسع فيه بعد حين ليشمل الدائرة الاولى من الاقارب كالاعمام والاخوال والجيران فقط ، وفي المنازل دون القاعات .

ولو نظرنا لما يتم توفيره على العريس واهله في هذه الحالة لوجدنا المتوفر في معدل سبعين الف ريال كانت ستصرف في ايجار قاعة وذبائح وطبخ ومستلزمات  كي يحضر الجماعة وغيرهم رجالا ونساء ، فكأن الاوضاع الحالية تقول كفى هدرا لاموال في مصارف غيرها اولى بها ، فقد فقه الناس واستيقنوا بان كثيرا من مصروفات الزواج لا داعي لها وليست من ضروريات الفرح .

ولذلك فلو دفع اهل الزواج لامين القرية (العريفة ) او لصندوق الجماعة او لثقة  مستامن مبلغ عشرة الاف ريال من المبلغ المتوفر تزيد وتنقص بحسب الحالة وقد يعفى منها البعض على ان لا توخذ من اسرة الفتاه ابدا سواء تزوجت داخل القرية او خارجها

فالهدف يكون لخدمة الجماعة  ولو بجزء بسيط من هذا التوفير الذي كان سيهدر دون حساب ، فكأن هذا المبلغ هو نصيب اهل القرية من الوليمة ، ولكنه دفع لهم بطريقة افضل حالا واكثر نفعا ، وذلك لخدمتهم في ابواب هي اولى وانفع وابرك لاهل العرس ولهم ، فهي متبوعة باذن الله بالاجر والبركة بدلا من الاثم والدين ، فقد يصرف منها معونة لمحتاج او لخدمة عامة تنفع الجميع ، وما اكثر ابواب الخير ان طرقت استجلابا للاجر والبركة .

وبهذا يكون المكسر بحلته الجديدة وبمفهومه الصحيح والاشمل اقرب في نظري للهدف الشرعي ، وابعد عن العادة التي قد لا تمت للشرع بصلة ، وهي اخذ المال قسرا بسبب غير صحيح ، ولكن تؤخذ الان بشرط ان يبقى الامر اختياريا وليس الزاميا ، وان يكون المبلغ ايضا مفتوحا بحسب ماتجود به النفس ، فالامر خير حتى ولو لم يدفع اهل الزواج شيئا .

في احصائة تقريبية 
اتضح انه تم توفير اكثر من مليوني ريال في عشر زواجات فقط هي كفيلة بالتغيير لاحسن حال وابرك مآل.

القاعة والعشاء 70000 ريال وهدايا ومعونات 30000 ريال ومصروفات النساء بمعدل 300 ريال لكل واحدة ولعدد 300 امرأة 90000 ريال و حلويات وشاعرات وفرق وشيلات 30000 ريال .

المجموع 220000 هذا اذا لم يكن فيها عرضه وشعار ، فقد تصل 300000 ريال للزواج الواحد كمصروف عام للقرية كلها ، ولكن ما يهمنا هو ما تم توفيرة للعريس وعروسته بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير .

سوالي / هل لو عاد المكسر بثوب جديد موافق للشرع والقيم نرحب به ام نقفل الابواب في وجهه ؟ .

علي بن سعد ساعد 
الاطاولة 1441/11/8هـ


TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript