الأستاذة / أشواق

بسم الله الرحمن الرحيم

الأستاذة أشواق

قصة قصيرة
ضمن مجموعة بيوت الحمد

أشواق ... طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرھا انتزعھا الموت فجأة وبدون مقدمات من بین یدي أمھا وأبیھا،انتزعھا الموت وھي في قمة حیویتھا ونشاطھا وسعادتھا، انتزعھا الموت بطریقة عجیبة غریبة لاتكاد تصدق .

أشواق أستاذة صغیرة ، علمتنا بموتھا قبل أن تدخل المدرسة درسا بلیغا في الایمان بالقضاء والقدر

ركب سیارتھ بصحبة زوجتھ وطفلتھما الصغیرة، بعد أن تناولا مع اسرتھم طعام الافطار ببیتھما في القریة، وذلك في أوائل العشر الاواخر من رمضان عام 1410هـ جلست الطفلة بمفردھا في المرتبة الخلفیة للسیارة، تتنقل یمنة ویسرة بفرح وسعادة .. وتقف احیانا في منتصف المرتبة، لتضع رأسھا بین ابویھا لتستمتع بحدیثھما ولتأنس ، بقربھما .

انطلقت بھم السیارة عبر الطریق العام ،حتى اذا ما وصلوا الى مفرق طریق یوصل لقریة أھل الزوجة توقفت السیارة حتى ینتھي عبور السیارات المقابلة،فتحركت بعد ذلك سیارتھم مباشرة ..لتدخل في الطریق المقصود، وعند استدارة السیارة فتح الباب الخلفي فجأة،فقد كانت الطفلة ممسكة بمقبضھ ..فسقطت مباشرة على الازفلت .

تنبھ والدھا لسقوطھا فأوقف السیارة فورا وخرج مسرعا
، كان الوضع مطمئنا فالسیارة لم تكن مسرعة، والطریق العام خال من السیارات ...... ولكن !! ما الذي حدث ؟
شاھد ابنته حین نزوله وھي تھم بالوقوف یسمعھا وھي تبكي وتستنجد بھ ..مما جعلھ یطمئن علیھا، ویعلم یقینا بسلامتھا .. فتقدم الیھا لیحتضنھا ولیخفف من روعھا، وفي ھذه اللحظات وفي ثوان معدودة .. تخرج سیارة من الطریق الفرعي، لم تمھل تلك الصغیرة حتى تتم نھوضھا والالتقاء بأبیھا، فضربتھا في رأسھا لتسقط فورا على الارض وأمام ناظري أبیھا وأمھا.

انه مشھد مؤلم لایحتمله الا من ربط الله على قلبه، طفلة تجلس في مأمن من الخوف سعیدة بصحبة أبیھا وأمھا، وعندما حانت في تلك اللحظات ساعتھا ودنى أجلھا وحلت منیتھا خرجت بنفسھا ومن السیارة التي كانت تقلھا، لتقع على الارض في طریق سیارة أخرى، بطریقة لاتخطر على بال أحد فالوقت لیلا والاضاءة ضعیفة والمكان كان خالیا، في مشھد قاس جدا لایكاد ان یحتمل، ولكن لطف الله یأبا الا أن یصاحب قدره ،فقد سقطت من اثر الاصطدام بین العجلات فسلمت الدھس .

وصل الاب الى طفلته وفیھا رمق من حیاة فحملھا الى سیارته، وھو في حالة من الحزن الشدید، وضع طفلتھ في حجره وھو یقود سیارتھ، لم یرض أن تأخذھا أمھا منه .. لشدة لوعته وحزنه علیھا، اخذ یسابق الریح فلعله  یصل بھا الى المستشفى قبل ان تلفظ انفاسھا، وفي منتصف الطریق احس بفتور جسد ابنتھ، وتلاشي حركتھا ومن ثم انقطاع نفسھا، اوقف سیارتھ جانبا لیتأكد حینھا بأن ابنته قد فارقت الحیاه.

ما أعظم لطف الله بھذین الابوین ، فقد ربط على قلبیھما والھمھما الصبر، فھاھي الزوجة تحاول جھدھا بأن تخفف المصاب عن زوجھا وتعزیه وتصبره وتسلیه وتذكره بان ھذا الامر بقضاء الله وقدره .

انه القضاء والقدر والذي تجلى في ھذه الحادثة في أعظم صورة، نعم عادا الى بیتھما والى اسرتھما لیدفنوا طفلتھما في الیوم التالي في مقبرة القریة فالله نسأل أن یعوض والدیھا خیرا وأن یسكنھما الدرجات العلى من الجنة
جزاء صبرھما .

TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript