الشيطان وابن ووهان



الشيطان وابن ووهان*

نظرة ادبية 

الوجه الآخر لكرونا 

بسم الله الرحمن الرحيم

لا يهمني هنا كيف نشأت هذه الجائحة،  ولايهمني ايضا معرفة ابطالها الجبناء ؟ ولا ماهية اسلحتها الشاملة المدمرة، كل ما يهمني هنا هو نهاية المعركة ولمن سيكون النصر والغلبة والتمكين ؟ ايكون النصر لغباء الشيطان وحماقة ابن ووهان ام لذكاء وعقل الانسان .

هناك في ارض الصين ، وفي مدينة ووهان تحديدا كان اجتماعهما ، شيطان حقود على كافة بني البشر، فقد عاهد الله على اهلاكهم معه الا من رحم الله ، فمن كان مسلما ومؤمنا قد احرقوه بالغيض منذ الأزل فهم عدوه الاول ، ومن كان غير ذلك فلعل ضربة استباقية قبل ان يصله حبل الانقاذ فيلحق بالمسلمين فينجو، فتكون كافية لعزله عن الخير .

في زاوية من تلك المدينة التقيا وحددا هدفهما، فان يقضيا على السواد الاعظم من البشر كان جل غايتهما، وذلك دون النظر الى معتقد او مكانة او فقير اوغني فالبشر لديهم وبكافة اعراقهم ومللهم اعداء .

امتطى الشيطان حصانه (ابن ووهان) وانطلق في ارض الله يجوبها شرقا وغربا ، يريدان امرا ويريد الله امرا اخر ، وكاني بهما يقولان بعد ان انقشع الغبار ليتنا لم نبدأ، فقد نفعنا البشر وأفدناهم من حيث اردنا الاضرار بهم.

فقد انكشف بنا كل اكاذيب القوم الذين يدعون حمايتهم لحقوق الانسان، فزاد اليقين في ارواح وعقول الناس ان نزول البلاء محك للقيم، فسقطت كل الشعارات التي كان الشيطان يغذيها بطريقة او بأخرى، واثبتت الاحداث ان المسلمين هم اقل عرضة لاهدافهم في هذه المعركة وغيرها، فدينهم دين النظافة والوقاية، مما لفت انظار العالم لدين عاش الشيطان حياته الطويلة للصد عنه، فاقبل الناس اليه افواجا،  واحترموا اتباعه في كل مكان بعد ان كانوا في مرمى اسلحتهم وعذابهم ، واصبح واضحا للعالم كله ان تلك البقعة المباركة وأقصد بها مملكتنا الحبيبة التي شن الشيطان واعوانه عليها ومنذ زمن حربا شعواء، مفادها ان الانسان فيها مسلوب الحقوق منتهك الكرامة، فثبت للعالم كله انها قائدة حقوق الانسان، وان كل ماكان يشاع عنها مجرد كذب وبهتان ، واصبحت تلك الدعاوى شنشنة نعرفها من اخزم .

فرح الشيطان ان تسبب هو وجواده (بن ووهان) بعزل المسلمين عن اهم ما يقيم حياتهم ، فهو يعلم ان المساجد مصدر قوتهم وان تواصلهم وصله رحمهم اساس بركة اعمارهم، ففرح باقفال بيوت الله وانتشى بالتباعد الاجتماعي.

وكاني به الان وقد فاق من غيبوبته ليلطم وجهه بنعاله،  فقد كان هذا الامر وان كان ظاهره شرا الا انه يخفي في ثناياه خيرا كثيرا ، فقد عرف الناس قيمة التواصل فبضدها تتميز الاشياء وتشوق الناس لبيوت الله اكثر، بل حتى الذين كانوا مقصرين في الحضور اليها اصبح همهم ان تعود المساجد ليعودوا لها .

اشتد غيضه عندما تحولت البيوت لمساجد، وعادت الالفة بين افراد الاسر ، وهو الذي لا يفرحه اكثر من هدم اسرة، بل وكان اشد ما قتله ولم يحسب له حساب هو اقفال الاسواق ، وكل الاماكن التي كان يعشقها لانعدام ذكر الله فيها على الغالب، وخاصة في ليالي رمضان.

هنا وقف مراجعا لنفسه ، امسك بزمام حصانه (ابن ووهان) ليقيم الحال والمآل فقرر الانسحاب بهدوء، فقد اصبح على يقين بانه يقود معركة خاسرة، وقال في نفسه: لان انسحب الان خير من ان يزداد الناس بعزلتهم قوة . 

ان اخوف ماكان يخافه هو ان يكون الناس قد اخذوا العبرة، وقرروا ان تتغير اساليب حياتهم، فقد اصبح لديهم قناعة بان المناسبات السعيدة ليس من واجباتها ولوازمها ذلك التكلف الزائد والتبذير المتعمد، والذي اصبح اهله اخوانا للشياطين، فاصبح امكانية اقامتها في اضيق الحدود ولو في بيوتهم امرا مطلوبا ومقبولا ومشكورا .

واصبح العزاء اقرب الى توجيه الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فلا جلوس للعزاء بعد اليوم وتحويل ايامه ولياليه كمواسم الافراح ، وسيكون التسوق والخروج للامور الضرورية وستكون المنازل بعد اليوم جنة اهلها، فقد نشأت علاقة وجدانية خفية بين افراد الاسرة وبيوتهم، وسيشعر بها من انكرها ولو بعد حين .

هنا عاد ادراجه وهو يجر اذيال الخيبة والهزيمة، متمنيا ان يخلف الله ظنه وان يبقى الناس على ماكانوا عليه قبل معركته (كرونا) واشد، وان تبقى العبرة والاعتبار في غياهب النسيان ودهاليز اللامبالاه.

 ولكن الحقيقة دامغة، وما يلوح في الافق من ان حال الناس بعد هذه المعركة ليسوا كحالهم قبلها، سيجعله يندم أشد الندم، وسيهرب من الميدان واضعا امام عينيه قول الله تغالى : "وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا".

مكة المكرمة  1441/9/5هـ

           ..........................................
* قرأت قصيدة للصديق الشاعر حسن الزهراني بعنوان فنجان بن ووهان فاستعرت جزء من العنوان وكتبت في الموضوع نفسه ولكن من زاوية أخرى .

TAG

هناك تعليق واحد

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript