لمن العزاء؟


    بسم الله الرحمن الرحيم 
    لمــــن العــــزاء ؟؟؟
قصيدة رثاء في الشاب سالم بن حسن شهوان رحمه الله والذي توفي في حادث مروري في المنطقة الشرقية ، وقد نشرت في منتدى الاطاولة قبل 12 عام 
هنا القصيدة 
بصوت الإبن عبدالله بن علي 

 من نعزي ياسالمًا فيك إنا.                
         كلنا اليوم فيك أهلُ العزاء
انعزي أباك من بين قومٍ                  
      كلهم في المصاب كالآباء ؟
هل نعزي فيك أمًا وأختًا ؟              
       أم نعزي فيك كلَ النساء ؟
أم شقيقٌ وصاحبٌ وابنُ عمٍ            
       وابن خالٍ وسائرُ القرناء ؟
أم نعزي مكلومةً ً في حفيدٍ ؟         
              نعيُهُ مثــلُ طعنـةٍ نجـــلاء 
لم تكن تحتمل فراقُ حبيبٍ            
     كان في الحب حاملاً للواء
انعزي فيــك عـمًا وخــالاً ؟              
      أم نعـــزي بقية الأقرباء ؟
مارأينا الفرق بين المُعَزي.               
              والمُعَزَى فالكلُ أهل بلاء
 قد أسرت القلوب حولك حبا.           
             كيف لايؤسَرُ الورى بالسخاء !
أي حــب بذلتــه دون شـــح             
       انـزوى منـه سائر البـخلاء ؟
انعزي البر في فقد رمزٍ                    
      كان في بره من الاكفاء ؟
كنت في بر والديك إماما.                
           كنت عونا لسائر الضعفاء
للرحم كنت واصلا ومحبا.                
         كارها كل قاتل للصفاء
انعزي الأرض في فقد كَفٍ                
    شرعت في البناء تلو البناء ؟
انعزي الكرام في خير ند.                  
  ارتقى الامس سلم العلياء ؟
انعزي بشاشة قد تجلت.                     
 واطلت من وجهك الوضاء ؟
سالمٌ لم نراك إلا بشوشا.                     
             تلك والله عادة العظماء
ياابا فارس إليك سلامي.                     
         وعزائي بسالم ودعائي
قد وجدناك صابرا بيقين.                   
         شامخا مثل قمة شماء
مؤمن بالقضاء فالكل يومًا.                  
      سوف يُحمل في آلةٍ حدباء
غير أن العزاءَ فيمن فقدنا.                    
          أنه كان ذو يد بيضاء
ولأم الفقيد صدق عزائي.                    
  سالمٌ  كان حولها  كالضياء
كان كالسمع والنواظر منها.                 
كان في كفها كوصف الدواء
كلما اقبلت تنادي بنيها.                      
           جاءها سالمٌ قبيل النداء
ايه ياسالم الحبيب فإني.                   
            احمل الحزن في ثنايا رثائي
إن جُلَّ الصفات فيك حياةٌ                 
  تتساما بنورها في الفضاء
قِيَمٌ قل أن تجدها بجيلٍ                     
خاض دربًا بخطوة عرجاء
انني يابني قلب وروح.                    
     وانا مؤمن بهذا القضاء
فانا كلما شردت  بفكريٍ                    
في صباح كان او في مساء
انبرا طيفُك الجميل امامي.                
      باسمًا يكسوه حسنُ البهاء
فرق مابيننا بأنك حيٌ                      
   بخصال احيتك في النبلاء
وسلكنا نحن كل طريق.                  
   طمعًا أن يكون درب ثراء
فحظوظ النفس فينا ممات.             
    رغم أنا ندب في البيداء
قد ملأنا العقول من كل فن              
         وفقدنا بصيرةَ العقلاء
فالقلوب التي تروم وئامًا.               
    تتلوى من وطأة الشحناء
فالقريب اليوم قد ضاق ذرعا.           
بالقريب المحب والأصدقاء
قد وقفنا دون اصلاح شأن.              
      اين منا مواقف الامناء
فحكمنا ظلمًا على الخصم لما.          
  احتكمنا إلى شريعة الأهواء
وقطعنا ماكان للوصل أولى.            
         ووصلنا ماوصلَه كالغثاء
اعرفت الان كم نحن جوعى ؟        
        كم غنيًا يعيش كالبؤساء ؟
هل يُعزَى في ميتٍ وهو حيٌ ؟        
إن حسن الاخلاق رمز البقاء
حُق لي أن أُعزيك فينا.                   
نحن موتى وأنت في الأحياء

علي بن سعد ساعد الزهراني
الأطاولة  1429/1/18 هـ

وهذه قصة وفاته رحمه الله 
ضمن قصص بيوت الحمد

قصة وداع

قبل أن يغادر نهائيا مقر الشركة التي يعمل بها ، استأذن للدخول على صاحبها ليحدثه بأمر مهم ، حديث جعل صاحب الشركة بعد اربع وعشرين ساعة يجهش بالبكاء .. فما سر ذلك الحديث وذلك اللقاء ؟

دخل على والدته ذات مساء ، احتضنها وقبل رأسها  ومازحها كعادته ، ثم طلب منها قهوة وبعضا مما عملته يدها ، فهو يريد الذهاب الى صديق له يسكن بعيدا عن عائلته ، ويريد ان يقدم له شيئا لايمكن ان يحصل عليه من السوق ، فالقهوة وطعام البيت هي من أهم ما يفتقدها البعيد عن اسرته .

استغربت أمه ذلك الطلب فلم تكن هذه هي عادة ابنها مع اصدقائه ابدا ، فعادته ان يأتي بضيوفه الى البيت ، بل إن القسم الخاص به في البيت لايكاد ينقطع من محبيه ، فكل من أتى الى المنطقة الشرقية من شباب القرية او من زملائه فأن ذلك الجزء من بيته قد اعده كمضافة ثابته وعلى مدار العام يستقبل فيه احبابه ويأنس بهم ويأنسون به فيقيمون عنده بالايام والاسابيع دون حرج ، فهي تعلم جيدا بأن في ذلك سعادته  ، فما الذي جعل ابنها في هذا اليوم  يطلب منها هذا الطلب ؟ ولماذا يريد الخروج الى صاحبه وليس العكس ؟ 

لم تناقشه ولم تعارضه ، بل استجابت له فورا بما يريد ، انطلق الى ابيه  في مكان اخر من البيت .. حاملا سلة القهوة ، فسلم عليه وأستأذنه في الخروج بعد أن أخبره بوجهته .

دعا له والده بخير ، ثم اذن له بالخروج ، ركب سيارته متوجها الى صاحبه في مدينة قريبة ، فما ان وصل حتى استقبله صاحبه  وفرح بزيارته ، جلسا يتسامران حتى وقت متأخر من الليل ، وقبل تفرقهما خرجا الى احد المطاعم لتناول طعام العشاء ، وعند خروجهما منه حدث موقف غريب لم يكن ليحدث من قبل .

موقف أذهل ذلك الصديق ولم يفهم سره الا ظهر اليوم التالي ، فما الذي حدث بينهما في تلك اللحظات ، ركب كل واحد منهما سيارته ليعود الى منزله .

انطلق عائدا باتجاه منزله .. سعيدا بتلك الزيارة ، فقد أدخل السرور في تلك الليلة على صديقه وزميله ، فأسأل الله ان يكون ممن قيل له في تلك الليلة ..طبت وطاب ممشاك ، وفي الطريق تعرض لحادث مروري لم يمهله كثيرا ، فقد مات قبل ان تصل اليه فرق الاسعاف.

فهاهو يحمل بعد صلاة الظهر من اليوم التالي على الاعناق ، وتخرج جنازته من المسجد باتجاه المقبرة ، وكان هناك رجل يجلس بجوار القبر لايكاد يتوقف عن البكاء ، إنه صاحب الشركة التي يعمل فيها ذلك الشاب ، قام معزيا مواسيا لوالد الفقيد ثم قال له : لاتستغرب بكائي ابدا ففي مثل هذا الوقت من يوم امس .. جاءني ابنك في مكتبي زائرا ، ولكن اتدري لماذا جاءني ؟ وما سر تلك الزيارة ؟ 

 لقد جاءني وتحدث معي ، وكأنه يودعني  .. فقد تحدث الي حديثا غريبا .. لايمكن ان يحدث من موظف عادي ، لقد جاني ناصحا موجها موضحا بعض الاخطاء ، التي تدور في العمل دون علمي بها .. 

لم أكن اعرف سر ذلك ، فكثير من الشباب والموظفين لايهتم كثيرا بمثل هذه الامور ، قال ذلك وكأنه استشعر دنو اجله فكانت كلماته كنصيحة مودع.

 التفت والده الى شاب يتجه اليه من بعيد ثم دنى منه معزيا ، وليخبره بأنه صديق ابنه الذي كان معه ليلة البارحة وليخبره بامر عجيب لم يجد له تفسيرا الا قبل ساعة.

فقد كانت ليلتهما اشبه ما تكون بحفلة وداع ، فإرهاصات الوفاة كانت تبرز بين الحين والاخر في حديثه وفي تصرفاته وفي سمته .. هكذا يقول صديقه ثم أضاف ..عندما دخلنا الى المطعم وتناولنا العشاء قمت الى المحاسب ودفعت قيمة الفاتورة ، وهذا الامر بيننا ليس بذي بال ابدا ، ولم يكن في يوم من الايام  قضية ، فاي واحد منا يدفع الحساب ولكن ابنك ليلة الامس كان غريبا ، فقد غضب واصر على ان لايدفع قيمة العشاء سواه ، ولم يقتنع ابدا بانني قد دفعت المبلغ وانتهى الامر ..ولا مبرر للجدال ، ولكن عند اصراره وغرابة تصرفه وافقته على طلبه.

دفن ذلك الشاب وودعته الجموع بسيل من الدموع ، فالكل يعرفه حق المعرفة ففقده كان خسارة  كبيرة ، ليس على اسرته أو جماعته فقط بل على مجتمعه بأكمله ، فشاب يتمتع بمثل خلقة ليعد فقده والله من اكبر المصائب .

فرحمه الله رحمة واسعة والهم اهله وذويه الصبر والسلوان ، واسكن والديه بيتا من بيوت الحمد في جنات النعيم ، وعوضه عن شبابه بالجنة وجزاه بحسن خلقه الفردوس الاعلى .
  
TAG

هناك تعليقان (2)

  1. رحمه الله رحمةً واسعه وأسكنه فسيح جناته

    ردحذف
  2. رحم الله الابن سالم بن حسن شهوان
    رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته .
    كان محبوب من الجميع طيب القلب الابتسامة لا تفارق محياه مطيع لوالديه كيف لا وانا اعرف تفاصيل طفولته
    اسال الله ان يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة . والشكر لك ابو عبد الله على ما املاه عليك عقلك وسطرته اناملك

    ردحذف

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript