ورحل السيد محمد فايد


بسم الله الرحمن الرحيم 

ورحل ابو محمود 

السيد محمد فايد رجل مصري مات رحمه الله قبل ايام ، مات السيد ولكن كموت الشجر ، فالاشجار تموت واقفه . مات وهو جالس على كرسيه في اجتماع لاهل بلدة ولذلك حق ان نقول : ومات السيد واقفا .

في اواخر التسعينات الهجرية وصل الى الاطاولة رجل مصري طويل القامة نحيف الجسد لم اكن اعرفه بعد ولكنه كان المسئول وقتها عن تشغيل واطفاء مواتير كهرباء الاطاولة بعد ان تناوب عليها الكثير من الشباب .

اكثر من اربعين عاما عاشها وعائلته بيننا كواحد منا ولكن السيد كان مختلفا جدا 

قد اكون من اكثر الناس تعاملا معه ومع غيره من العمال ولكن السيد رحمه الله كان رجلا استثنائا 

استثنائي باخلاقه وهدوئه لم يقابل قسوة الناس عليه الا بابتسامة او صفح وسماح ، كان مفرطا في حق نفسه اكثر مما يجب ، لم يكن حريصا على اخذ حقوقه كاملة ، فهو رجل حيي ويقدر ظروف من يعمل عنده  ، فلا يكاد يأخذ الا مصروف بيته واحيانا اقل .

قبل سفره النهائي جاءني غاضبا ولاول مرة اراه بهذا الشكل كنت اقابل غضبه بالضحك لان شكله غاضبا غير مألوف ، فكنت اريد الاستزادة منه ، ليس حبا في ان اراه غاضبا ، ولكن حبا في ان اراه حريصا على اخذ حقوقه . 

اسمعني وهو غاضب كلاما لم اتوقعه منه ابدا ، فهو الرجل الذي لم نجرب منه الا ابتسامة محياه ، فهو بحسب علمي لم يغضب على احد حتى وان اوذي باي شكل من الايذاء .

قلت له هيا بنا لنمر على كل من لك عنده وناخذ منهم كل حقك . قال لا ، روح انت وحدك انا استحي ، قلت له هذا ليس من الحياء قم لنذهب ، فوالله ما وافق من شدة الحرج ، وعند سفره النهائي ولشدة حاجته ذهب مكرها لا بطلا ، وفي كل مرة يقول له الناس :  وهل طلبت ورفضنا انت بمجرد انتهائك من العمل تغيب والمثل يقول حاجة الساكت ما تقضى .

السيد ايها السادة رجل مختلف تماما يغلب على تصرفه البساطة والعفويه فهو لا يحمل على احد كراهية او ضغينه وكان لسانه ترجمان قلبه الفوري .رجل شفاف لم اعرف عنه ولا اظن الاخرون الا مثلي الا الطيب وحسن الخلق

حدثني من اثق به عن موقف حصل له مع السيد لا يحسد عليه ، يقول اقرضت صديق لي منذ فترة وصادف ان كنت جالسا مع السيد فاقبل صاحبي وجلس بيني وبينه فقال له وهو بالتاكيد لا يعلم عن الذي بيني وبين صاحبي  ، قال ان صاحبك هذا محتاج فلوس ويقول ان له فلوس عندك وهو يستحي ان يطلبها منك ويقول ليته يسددها بسرعة 

يقول غضبت منه جدا والتفت لصاحبي اقسم له بالايمان المغلظة اني لم اقل له عن هذا الموضوع ووالله انه امر لم يطلع عليه من البشر سواي وسواك وانما قاله من باب المزح لا اقل ولا اكثر 

يقول صاحبي ماحز في نفسي وقتلني هو ماحدث في اليوم التالي اذا جاء صاحبي بالمبلغ واقسم علي ان لا ارده فعلمت ان الشيطان لعب دوره تماما ولكن اقسمت على نفسي ان لا افرح الشيطان بنتائج هذا الموقف فابقيت على صحبتهما وودهما والدعاء لهما دون جرح لهذا او عتاب لذاك فالموقف عفوي غير مقصود وقد تكفل الزمن بنسيانه بل بتجاوز تبعاته

السيد فايد شرفت بتعليم ولده محمود ومحمد في الصف الاول الابتدائي بمدرسة الامام حمزه لتحفيظ القرأن بالاطاولة 

رحمك الله يا ابا محمود واصلح عقبك ورزقك برهم بعد موتك 

اللهم ان عبدك هذا قدم اليك وانت اعلم به منا ، يمكن كتابه ويسر حسابه يامن انت ارحم به من امه وابيه وصاحبته وبنيه اللهم جازه بالحسنات احسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا . الله انه تغرب عن بلده عقودا طويله فاجعل له بكل ساعة ودقيقة وبكل شهر وسنه درجات تلو درجات وحسنات تتبعها حسنات انك ولي ذلك والقادر عليه .

علي بن سعد الزهراني
الاطاولة / 1441/12/26


 


TAG

هناك تعليق واحد

  1. رحمه الله تعالى واسكنه فسيح الجنان
    ليس هناك بيت من بيوت أهل الأطاوله إلا وله فيه بصمه
    وليس هناك ممر إلا وله فيه ذكرى طيبه
    أحب الجميع فأحبه الجميع
    ذكراه لن تنتهي والدعاء له لن يتوقف

    ردحذف

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript