رسالة لصاحبة السعادة الأستاذة حلا العبيدي


فديو 

بسم الله الرحمن الرحيم 

رسالة لصاحبة السعادة 
الاستاذة/ حلا بنت محمد العبيدي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، واسعدك الله كما اسعدتينا ياغالية .

استاذتي العزيزة حلا : 
هكذا انتم يا آل متلازمة داون تعلمون الناس رغما عنهم ، فانتم اساتذة في مدرسة الحياة الكبيرة والمترامية الاطراف ، والمتعددة العادات والاعراف ، انتم ياحلا معلمون و معلمات ، ليس لمن يحيط بكم او يتعامل معكم فحسب ، بل انتم المعلمون والمعلمات الاكفاء ، فانتم المانحين الصفاء من القلوب ، والباذلين الوداد من العيون ، والمنفقين الجمال من الافواه ، والمتفضلين بالبراءة في الفعال  .

انتم ياحلا معلمون من الدرجة الاولى ، لم تتكلفوا صناعة السلوك ، ولم تزيفوا البضاعة ، ولم تجاملوا لكسب مودة ، فكل ما فيكم نقاء ، جئتم  للحياة روحا حيه ، وكأن الله ارسلكم لننهل منكم دروسا لم نقرأها في مناهج دراسية ولا في كتب دبجها مؤلفوها ، ولا في حكايات واساطير سردها الرواة هنا او هناك .

لم يكن وجودكم ياحلا في اسركم محض ابتلاء ابدا ، بل في وجودكم خير عميم ورزق كريم ، وسعادة قد لا يشعر بها الا من كان في بيته احدكم ، فوجودكم رجاء ، وابتساماتكم دواء ، ونظراتكم اباء ، وانفاسكم دعاء .

حلا بنت محمد العبيدي 
ما اجملك وانت تعلمينا الالتزام باخذ الحيطة في هذه الجائحة ، وما احلاك ياحلا وانت ترفضين اليوم ما كنت تحبينه بالامس ، فلا ملاهي ولا العاب في زمن كرونا ، تقولي هذا وكلك ثقة ، فهمتِ ما لم يفهمه الكثيرون ولم يستوعبه المغامرون .

استاذة حلا ، ما اروعك وانت تعلمين اولائك الذين نحسبهم يفقهون ويعقلون ، فخرجوا دون احتراز ولا اتباع لتعليمات ، وكأنهم نشطوا من عقال ، وانطلقوا من سجن عاشوه بعذاب لايام وليال طوال ، رغم انهم في بيوتهم امنين ، وبين اهليهم منعمين، ولكنه النضج ياحلا ولا غير .

استاذة حلا ، اتعلمين ان الكمامة التي غطت عنا نصف وجهك الجميل المكتنز براءة ، والممتلئ فرحة زادته  بهاءا واشراقا ؟! ، ليس جمالا لذاتها ابدا فهي مجرد قطعة من قماش ستبلى بعد ايام  ، ولكن لان السر فيك انت ياحلا ، نعم انت ، لانك سمعتِ واطعتِ ، فكان اصرارك على الابتعاد واخذ الحيطة والحذر هو ما زادك جمالا على جمال .

كم من اناس سقط جمالهم وتلاشى ، حين تعاملوا مع الاحترازات بالاستهتار وعدم المبالاة  ، فكم نُجِل ونحترم في الطرقات والاماكن العامة من نراه يلبس كماما مثلك ياحلا ، وكم نلوم ونعتب ، بل ونسيء الظن فيمن نراه دون احتراز ،  فالجمال الحقيقي انما هو التزام بتوجيهات من وجبت طاعته ، فطاعة اولى الامر واهل الاختصاص عبادة ، وما قام احد بعبادة الا زادته نورا وبهاءا .

تلك الكمامات لم توضع لحجب جمال اطفالنا بل زادتهم جمالا على جمال ، لكاني بكرونا وقد تقهقر عنك وعن اقرانك من آل داون ياحلا ، ليس حبا فيكم او رحمة بكم ، فهو لا تمييز لديه للبشر، ولا رحمة لضعيف ، ولا خوف من قوي ، ولا احترام  لكبير ، او تقدير لمسئول .

ولكن لان رحمة من يُقدر سيره وعمله وانتشاره رحيم بكم ، فانتم هداياه لوالديكم واهليكم ، بل انتم هداياه لكل البشر ، فلعل رحمة تنبت في النفوس والقلوب يرحم بها الله من قسى قلبه ، وتيبست مشاعره ، واجدبت حياته ، فانتم ياحلا حلاوة هذا الكون بأسره ، وانتم ياحلا بركته وسبب سعادته ، فاطمئني وبلغي من خلفك من هذه الفئة الغالية ، ان الله يحبكم فحبب فيكم خلقه . 

استاذتي الفاضلة ومعلمتي الناصحة الصادقة حلا ،  لكم تابعتك عبر اخبار ابيك حفظه الله ، فبقدر اعجابي بك وبحيويتك وانطلاقتك دوما لتعلمي الناس ، كان اعجابي بابيك الذي لم يسمع بمهرجان او احتفال للاطفال الا تجشم الصعاب وتجاوز الظروف ، وتجاهل كل رغبة الا رغبة حلا ، لتكوني حاضرة مشرقة منطلقة ، فهاهو اليوم بتوفيق الله قد جعل منك استاذة ومعلمة في زمن تهاون الناس فيه بما ينفعهم .

 اقول هذا وافتخر بانني رغم كبر سني الا انني احد تلاميذك ، تعلمت في مدرستك ، واستفدت من سيرتك واحببت دروسك الثرية من روحك البريئة .
 
بارك الله فيك ونفعك واقر بك اعين والديك واحبابك ، وبخاصة ابيك ذلك المربي الفاضل والذي ترجم للدنيا كلها كيف يصنع لنا استاذة عظيمة بحجم حلا .
علي بن سعد الزهراني
الاطاولة 1441/10/13هـ   

TAG

هناك تعليقان (2)

  1. ابدعت ابو عبدالله
    حفظ الله الأستاذة حلا وابيها
    فقد عودتنا دائما بما هو جديد ومفيد

    ردحذف
  2. بارك الله فيك يا ابا عبدالله اجدت وافدت انا من اشد المعجبين بتعامل وتربية الأخ والصديق ابو حلا مع حلا
    اللتي لها من اسمها نصيب حفظها الله

    ردحذف

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Edit in JSFiddle JavaScript